ملك وكتابة

الخطاب الإلهي كيف نحل أزمة أمتنا؟ علي محمد الشرفاء الحمادي

علي محمد الشرفاء الحمادي

لا سبيل للمسلمين من الخروج من النفق المظلم الذي عشناه ونعيشه اليوم إلا بالعودة للخطاب الإلهي ــ القرآن الكريم ــ نستمد منه النور الذي سيضيء به عقولنا وترتقي معه نفوسنا تمتلئ بالرحمة والمحبة والعدل، نستلهم من كتاب الله سُبُل السلام ونستوعب مراد الله من آياته لخلقه عيشًا هنيئًا وسعيًا مشكورًا وطاعة مقبولة وأجرًا عظيمًا، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من عمل صالحًا واتقى الله واتبع هداه.
لذا.. فإنني أقترح في الوقت الذي يبحث فيه المسلمون تجديد الخطاب الديني بضرورة التوقف عن استخدام مصطلح «الخطاب الديني»، لأنَّ كل مَن هبَّ ودبَّ وجاء برواية أو حكاية أو خرافة اندرجت تحت الخطاب الديني، بينما الأصل الذي يحمل رسالة الإسلام للناس هو الخطاب الإلهي، كلمة الله وآياته.
فلنفكر جميعًا بأن نستدعي لحظات تاريخية قبل أربعة عشر قرنًا، نتصور فيها أنفسنا، في حضرة رسول الله ــ صلى الله عليه وَسَلم ــ يُبَلِغَنا رسالة الله في كتابه المبين، ويتلو علينا القرآن الكريم كما أمره الله بقوله تعالى:

(لقَدْ منَّ اللَّـهْ على المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أنفُسِهِمْ يَتْلو عَليْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ).. (آل عمران: 164).
فنتلقّى منه ــ صلى الله عليه وسلم ــ ما يُنَزّله الله تعالى عليه من آيات كريمة، ونتعلم منه الحكمة، ويوضح لنا ما جاء في كتاب الله من حكم وموعظة وقِيَم، يعلمنا شعائر العبادات من صلاة وزكاة وصوم وحج بيت الله وتشريعات تبين الحلال والحرام، حيث كلفَه الله بمسئولية إبلاغ الناس كافةً بالمنهج الإلهي بقولهَ تعالى:

﴿يَا أيُّهَا الرَّسُولُ بَلغْ مَا أنزِلَ إِليْكَ مِنْ رَّبِّكَ وْإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ﴾.. (المائدة: 67)

وقوله تعالى:

﴿فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّما عَليكَ البَلاغُ المبُيـنُ﴾.. (النحل: 82)

وقوله تعالى:

(وإمَّا نرينّك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب).. (الرعد: 40)
فنظلّ نستمع إلى ما يتلوه علينا رسولُ الله ــ صلى الله عليه وسلّم ــ آيات من القرآن الكريم ويُفسّر لنا مقاصدها التي تدعو الناس لما يصلحهم ويحقّق لهم المنفعة والأمن والسلام في لحظات لم تكن تلوثت بمذاهب ولم تكن فيها طوائف وفرق متصارعة.
نتعلم منه ــ عليه الصلاة والسلام ــ منهج الخطاب الإلهي الذي يأمر عباده باتباع القرآن وعدم الاعتماد على استنتاجات بشرية نسبت إلى الصحابة أو غيرهم ممن نَصَّبوا أنفسهم أهلَ العلم والمعرفة وعلماء الدين وشيوخ الإسلام، فلا يوجد شيوخ للإسلام ولا أئمة ولا كهنة ولا أحبار، بل عباد لله مخلصين له الدين يتبعون رسولًا كريمًا، حيث قال تعالى:

(اتَّبِعوا ما أنزِلَ إِليكُم مِن رَبِّكُم وَلا تَتَّبِعوا مِن دونِهِ أولِياءَ قَليلا ما تَذَكَّرونَ).. (الأعراف: 3)
فلا اجتهادات بشرية أو خطابات دينيّة متعدّدة، بل كان خطابًا إلهيًّا واحدًا ورسولًا وإمامًا واحدًا يتلو على الناس آيات الله ليخرجهم من الظلمات إلى النور، يُعلمَهم دينهم الذي ارتضى الله لهم ويحذرهم من الابتعاد عن كتاب الله وما جاء به من تشريعات للبشرية، تحقّق لهم الأمن في الدنيا والآخرة وتحميهم من عدوان بعضهم على بعض ليعيشوا في رخاء وسلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى