المجتمعفن التعامل مع المراهقين

في اعمال كل مراهق انسان يهفو الى قيادة العالم كله

 




انه يرغب في معرفة شؤون الحياة جميعا , وفوق ذلك يتمنى ان يكون وجوده مرغوبا فيه في اي مكان يذهب اليه ويشتاق الى ان يرى الاعجاب في عيون الآخرين , وان يكون سيدا محترما في كل مجتمع , اما بالنسبة الى الفتاة فهي تتمنى ان تكون فاتنة وخلابة .

والواقع اليومي يؤكد للمراهق او المراهقة ان في فصله الدراسي او في مجموعة اصدقائه اشخاصا لهم جاذبية عالية سريعي البديهة والنكتة , اناقتهم ملفتة للنظر وكذلك نجاحهم مشرف في اغلب الاحيان , وقد ينظر اليهم بعض اقرانهم بمرارة وحقد .

ولكن على المراهق – او المراهقة – ان يعرف ان خصائص الاخرين عرضة للتغير . فالفرد الذي بأمكانه ان يدفع جمعا من الاصدقاء الى الضحك وعمره خمسة عشر عاما قد يتحول فيما بعد الى انسان يميل الى الحزن . والفتى الوسيم الرقيق الذي يخلب لب معظم الفتيات ما يلبث ان يفقد سحره عند الثامنة عشرة . والفتاة التي تبدو كأميرة من اميرات الحيوية والنشاط في مراهقتها المبكرة قد تبدو مزعجة بعد ذلك بأعوام .

وقد يقول قائل : ( ايعني ذلك ان كل ما يظهر على السطح في بدء المراهقة ينقلب الى القاع من بعد ذلك ؟ وهل العكس صحيح )؟ .

واقول : لا . . ولكن هناك الكثير من التحولات العنيفة التي تظهر في المراهقة , وقد تختلف المميزات في بداية المراهقة عن نهايتها في بعض الاحيان .

ان شابا – او فتاة – في بداية المراهقة قد يحس انه مليء بالصفات المتميزة لكنه غير قادر على جذب انتباه شخص من الجنس الآخر , إنه قد لا يعثر على موضوع يتحدث فيه مع شخص من الجنس الآخر , ويكون هذا الشخص قد اثار انتباهه بالفعل وله جاذبية شديدة , واقول لمثل هذا الشاب او تلك الفتاة – ان من الرائع ان تتذكر ان عاطفتك اذا كانت جادة نحو اي شخص من الجنس الآخر , فأن رسالة اعجابك ستصل اليه بالرغم من عجزك عن التعبير او التباعد الذي تصنعه الصدف .

ان مشاعرك الصادقة ستصل حتما الى مشاعر هذا الانسان , ولكن بشرط ان تكون هذه المشاعر حقيقية ودائمة . وهذا الشرط الاخير لا يتوفر في بعض الاحيان في المراهقة .

وفي الصداقة يحاول المراهق ان يعثر على نكهته الخاصة وطابعه المميز وسط مجموعة الاصدقاء . انه يحاول ان يتميز بالكرم او سرعة البديهة واطلاق الفكاهة . وغالبا ما تقبل المجموعة الصغيرة من الاصدقاء صفة مميزة لكل واحد فيها , لكن المشكلة هي كيفية اظهار تلك الصفة لفرد من الجنس الآخر .

لكن مع نمو الانسان فأن فرصة الاحتكاك بالآخرين من الجنس الآخر تزداد طبقا لظروف المجتمع الذي يحيا فيه الشاب , وان لم يكن المجتمع يسمح بذلك فأن السفر الى المجتمعات الاخرى صار سمة مميزة للعصر الذي نعيش فيه . وشخصية الشاب او الفتاة تحاول ان تجد في نفسها الصفات والمميزات التي تتفاعل من خلالها مع الاخرين . وهذه الصفات و المميزات التي تتفاعل من خلالها مع الاخرين , وهذه الصفات والمميزات لاتكون واضحة في بداية المراهقة , ولكنها تنضج تدريجيا عندما يتعلم الشاب او الفتاة كيفية الاستفادة من افكار الاخرين

وعلى الشاب على سبيل المثال ان يتقن كيف يختار الكلمة المؤثرة الراقية التي يعبر عنها عن اعجابه بسلوك فتاة ما . وان لم تكن الكلمة في مقدوره , فأن النظرة المحترمة فيها من بريق العين ما يكفي او ان تكون الابتسامة الرقيقة دليلا على الاعجاب , وعلى الشاب ان يحذر السلوك الثقيل الذي لا يقبله لشقيقته , وعليه ان يكتسب ثقافة في موضوع او هواية يمكنه ان يتحدث فيه لمدة عشر دقائق او ساعة من الزمان مع شخص اخر , وعلى ايامنا كان الحوار بين الجنسين في الجامعة , وهذه الايام يأخذ المسلسل التليفزيوني مكان الكتاب او تحتل قائمة المطربين المعاصرين دائرة الاهتمام الاولي بين الشباب .




ولكن هناك من الشباب من يقول : ( ليس عندي ادنى فرصة للحديث مع اي فتاة من الجنس الآخر ) .

وقد تقول الفتاة : ( انني اخجل من ان اتحدث مع شاب لان ذلك قد يفسره غيري على انه لهو غير بريء) .

واقول ان الامر يبدو في بدء المراهقة كأنه مشكلة مؤلمة , ولكن ما ان يتقدم الانسان في دراسته وهواياته حتى يكتشف انه يتقدم ايضا في قدراته على الحديث مع شاب او فتاة , بل وقد يصبح الانسان المتفوق في دراسته او الهواية كأنه زهرة يجذب الجنس الآخر تماما كما تجذب الزهور النحل .

ولذلك فلا داعي لليأس , ولكن المطلوب دائما هو ان يحث الانسان نفسه على التفوق دراسيا وفي المجال الرياضي او في الهواية الفنية.

ان الانسان منا متعدد المواهب ولا بد له ان ينمو في مجالات متعددة ومن خلال هذه المجالات سيجد نفسه على البداية الصحيحة للتعرف الراقي على الجنس الآخر.

وعند الانسان منا الكثير ليقدمه من الابداعات في المجالات المختلفة وعندما تتقدم الى الامام سنجد ان العلاقات مع الجنس الآخر قد اصبحت متاحة.

كما ان الشاب او الفتاة يجب ان ينتبه الى حقيقة انسانية صدقها القليل من البشر وكذبها الكثير منهم , وهي ان التفكير في مشاعر شخص آخر اكثر من التفكير في النفس يتيح لهذا الآخر ان يتحدث معك لانك تفهمه.

وكلما اكثر الانسان من اعطاء الفرصة لمن امامه ليتحدث عن نفسه كان ذلك زادا انسانيا جديدا وصداقة مؤكدة ستأتي على الطريق , واذا سألت الشخص الذي امامك عن اسمه ومدرسته وهواياته والاشياء التي يحبها ولماذا يحبها , فأنت تعطي نفسك فرصة ان تفتح اعماق من امامك ككتاب مفتوح واذا وجدت درجة من التقارب بينك وبين من يتحدث اليك فهذا معناه الاقتراب من بداية التفاهم الحقيقي .

ولكن عليك ان تلاحظ اثناء اسئلتك لمن امامك درجة الود في صوتك.

انك لست شرطي مرور تسأل انسانا ما عن رخصة قيادته وتترصد له , ولست محاميا يسأل متهمه في النيابة , ولكنك انسان ودود يرغب في الصداقة مع غيره , لذلك فعلى لهجتك ان تنم عن الود والحساسية والصداقة .

كما انك يجب ان تلاحظ ان اذنك ليست وحدها التي تسمع اجابة من امامك , وان مشاعرك هي التي تتفاعل مع الكلمات التي تخرج من شفتيه , وان عينيك يجب ان يكون تركيزها بدرجة ما على عيني المتحدث اليك , وكل تعبيرات وجهك هي التي تظهر التفاعل الحي , فعندما يتحدث عن شيء يعتبره ممتعا لا بد ان تظهر السرور , وعندما يتحدث عن شئ يغضبه لا بد ان تتجاوب مشاعرك معه . ان عليك ان تشارك محدثك في درجة الحماسة التي يتحدث بها .

قد يقول قائل : ( ولكن مثل هذا الامر حدث معي , ففوجئت ان محدثي يتكلم في رياضة الجولف وليس لي سابق معرفة بها او اهتمام , بل انني انظر الى من يلعبونها على اساس انهم اناس يختارون لانفسهم رياضة غريبة يترفعون بها على غيرهم من البشر ) .

واقول لمثل هذا القائل : نعم , ولكن عليك ان تظهر درجة من الانس والمرونة لتواصل النقاش مع المتحدث اليك , ويمكنك ان تعترف بجهلك باللعبة وبالدافع اليها , ان ذلك يجذب اليك المتحدث , وتحوله انت دون ان تدري الى راو جيد للقصص , وترفع من قيمتك كأنسان يملك قدرة رائعة على الاستماع , وان كان المتحدث اليك شخصا من الجنس الآخر فلعلك دون ان تدري تفتح لنفسك باب قصة حب ناجحة بهذه الدرجة من الاستماع الراقي .

وفي الحضارة الصينية القديمة كان الاب يقول لابنه : ( لا تحتقر ابدا موضوعا للحديث , فالحديث مهما كان مملا او رتيبا الا انه كالطعم الذي تصطاد به السمك ) , وقد يقول شاب تعليقا على مثل هذا الرأي : ( انني بذلك اتحول الى انسان يزيف مشاعره ) .

فأقول : لا . . ولكن اذا كنت تبحث عن طريقة تكون بها معروفا ومحبوبا فعليك ان تكون هذا الانسان الودود المتعاطف , وان عليك ان تواري انانيتك بعيدا لمدة ساعة حتى تكتشف في نفسك درجة عالية من القدرة على تحمل النقاش وستكشف في نفسك مناقشا بارعا .

وقد يقول شاب آخر : ( انني قادر على المشاركة في اي اهتمام او اي نشاط لكن الخجل لا يفارقني ولا استطيع ان اعبر عن مشاعري ) .

واقول : ان الطريقة المثالية للقضاء على الخجل هي ان يقضي الانسان اكبر فترة ممكنة مع مجموعة من الاصدقاء , وان يحرص على التواجد معهم اثناء الرحلات اوالمباريات , وهذا سيفيدك في ان تظهر خبراتك وان تشترك مع الآخرين في تجارب , وستعطي نفسك فرصة لتقديرهم . انك عندما تتواجد بشكل مستمر مع الآخرين في تجارب , وستعطي نفسك فرصة التمرس على التفاعل الاجتماعي , وهناك عدد من المراهقين يعبرون عن تطلعهم الى الشعبية والقبول الاجتماعي بأن يكثروا الكلام والمزاح , وهذا اللون من السلوك اذا ما تمادى فيه الانسان فهو يظهره كشخص مزعج وعلى الانسان ان يتذكر ان الشخص الهادئ هو الاكثر سحرا وجاذبية .

وعلى الشاب ان يتذكر وكذلك الفتاة الا ينجرف الى احتلال اذن من امامه بالحديث المستفيض عن النفس , وان الصمت مهم لانه يعطي من امامه فرصة ليتكلم .

والفتاة لابد لها من عدم الاندفاع الى الحديث الى شاب خجول اللهم الا في حدود احترام خجله , وبأسلوب مهذب ورقيق , فالشاب يهرب حتما من الفتاة التي تحاول ان تكون خشنة . وبعض المراهقين يتمادون في نقد كل شيء, وكل شخص , بل ويسلطون السنتهم بحدة ولهؤلاء أقول ان هذا التسلط وتلك الحدة سيجعلان من صاحبهما انسانا مرفوضا في النهاية ما لم يعط نفسه الفرصة للاستماع الى المعارضين له .

ان كل شاب وكل فتاة بأمكانه ان يتدرب عمليا على ان يكون جذابا , وهذه البراعة موجودة في اعماق كل انسان , وهي لا تحتاج الا الى القليل من الجهد لاكتشافها .




 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى